في جلسة استماع عقدها ائتلاف أمان لوزيرة التنمية الاجتماعية لبحث دور الوزارة في إدارة ملف المساعدات الإنسانية في زمن الإبادة الجماعية
أمان يوصي بتكامل الأدوار ما بين وزارة التنمية الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني لضمان التكاملية فيما بينها
رام الله/ غزة- عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) جلسة استماع، تناول فيها "دور وزارة التنمية الاجتماعية في تعزيز العدالة والنزاهة في العمليات الإغاثية في قطاع غزة"، وذلك بحضور وزيرة التنمية الاجتماعية الدكتورة سماح حمد، قامت من خلالها بتقديم توضيحات حول أهم الإجراءات والتدابير التي تتخذها الوزارة في ظل تفاقم تحديات وصول المساعدات الإنسانية لأهلنا في قطاع غزة إبان الإبادة المستمرة حتى اللحظة.
استهلت الجلسة بكلمة من عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، رحّب فيها باستجابة د. حمد للمشاركة في الجلسة مثمّناً الدور الريادي الذي تقوم به الوزارة وانفتاحها على المجتمع المدني والاستعداد للإجابة على الاستفسارات العامة، طارحاً بعض التساؤلات ذات العلاقة بأبرز تدخلات الوزارة في مجتمعات النزوح، ومدى وجود قاعدة بيانات محدثة معممة ومعمول بها من قبل المؤسسات كافة، إضافة لمدى التنسيق بين كل الفاعلين في ملف المساعدات، وإمكانية تلقي الشكاوى ومعالجتها. وقد نوّه حج حسين لأهمية تطوير منظومة استجابة واستعداد للأزمات والكوارث في ظل تردّي الأوضاع الحالية في القطاع، والاستفادة من الدروس والتجارب، نستطيع من خلالها الاستعداد والتهيئة لما هو قادم، كشعب يرزح تحت الاحتلال، ويتعرّض دوماً لكافة أشكال الانتهاكات من منظومته الاستعمارية حكومةً، وجيشاً، ومستوطنين.
د. حمد: نقدم 18 خدمة في الوزارة
وبدورها، أوضحت معالي الوزيرة الدكتورة سماح حمد، أن الوزارة لم تتوقف عن تأدية دورها حتى أثناء الحرب، التي ما زالت مستمرة حتى اللحظة، حيث أنها تقدم 18 خدمة بالشراكة مع شبكات الحماية من مؤسسات المجتمع المدني، والتي تصل الى 42 مؤسسة، إضافة لتعاونها أيضا مع المؤسسات الدولية، تواصل -من خلالها- تقديم خدماتها من صرف مخصصات مالية للفئات المستهدفة، والأسر الفقيرة، وللأشخاص ذوي الإعاقة، وللنساء المعنّفات، والطفولة، ورعاية الأيتام، والمسنين، وغيرها من الخدمات الأخرى. ونوّهت د. حمد إلى ملف شراء الخدمة، حيث استطاعت الحكومة – في ظل الحصار المالي- سداد مبلغ قدره 6 مليون شيكل من أصل 16 مليون شيكل، كانت تعتبر ديون متراكمة لهذه المؤسسات منذ العام 2014، الأمر الذي يعتبر إنجازاً في ظل الحصار المالي الذي يطبقه الاحتلال على السلطة الفلسطينية، إضافة لما في ذلك من أهمية في مواصلة القدرة على تقديم الخدمة وتوافرها وتوزيعها على المناطق الجغرافية، حيث لا تزال الوزارة تعمل لزيادة أواصر الشراكات والتعاون مع عدد من الشركاء والمانحين، لزيادة خدماتها تباعاً.
موظفو الوزارة يعملون في قطاع غزة
أما عن واقع الحال في قطاع غزة، فقد أوضحت د. حمد استمرار الوزارة في إدخال المساعدات الإنسانية لأهلنا في القطاع، حتى تقلصت بفعل إغلاق معبر رفح في السابع من أيار 2024. وأكملت حمد أن لدى الوزارة 500 موظف على الأرض في القطاع، يعمل ثلثهم في الميدان بشكل كامل، إضافة لعدد من الكوادر البشرية المنتدبة، وشبكة من المتطوعين من منظمة الغذاء العالمية واليونيسيف، المستقدَمين للمساعدة في توزيع المساعدات الإنسانية، مؤكدة على ضرورة وأهمية تطوير برنامج المتطوعين وبشكل خاص في قطاع غزة.
ثلاث خدمات رئيسية ما بين الطرود الغذائية، وغير الغذائية والدفع المالي
وكشفت د. حمد عن العمليات الإغاثية التي تقوم بها الوزارة في القطاع، والمقسّمة في ثلاثة تصنيفات رئيسية، كالتالي: طرود غذائية، وأخرى غير غذائية من مستلزمات صحية وخيم وشوادر وغيرها، وأخيرة تتمثل بالدفع المالي، حيث تشرف عليه إدارة مكافحة الفقر بالوزارة بالتنسيق مع دائرة المشاريع، مستندة لمجموعة عاملة من المؤسسات الأممية التي تعمل ضمن مجموعة العمل النقدي، والتي تنظم تقديم المخصصات المالية، المتمثلة في تحويلات مالية للأسر، مشيرة أن الوزارة أطلقت رابط على صفحتها ونموذج مبسط للتسجيل، استطاعت من خلاله تسجيل 320 ألف أسرة غزية، من خلال تعبئة رب الأسرة لهذا النموذج، يتم التأكد من بياناته المعبأة بالتعاون من منظمة الأمم المتحدة للطفولة- اليونيسيف، ومنظمة الغذاء العالمية، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين.
محافظ الكترونية من المانح إلى المستفيد مباشرة
وأكملت د.حمد بقولها أن العملية المالية تتلخص بتقديمها على شكل محافظ الكترونية، من خلال الشركات العاملة مع البنوك الفلسطينية، حيث يعمل المانح على تحويلها الى المستفيد مباشرة، بعد تقديم القوائم حسب التصنيف المطلوب من المؤسسات الأممية. وتجدر الإشارة أن المبلغ المخصص قبل الحرب كان 754 شيكل، وقد ارتفع فيما بعد ليصل إلى 1000 شيكل للأسرة. ناهيك عن إطلاق الوزارة برنامج "إنقاذ الحياة"، الذي يستهدف 340 ألف أسرة، حيث أن واقع الحال خلق شرائح كبيرة من العائلات المعوزة، تتطلب مساعدة وإغاثة. ويكمن التحدي الأبرز -حسب د.حمد- فيها أن مجتمعات النزوح متغيّرة وغير ثابتة، بسبب استمرار حرب الإبادة والقصف والنزوح ما بين مركز إيواء لآخر. وأكدت د. حمد بدورها أن جميع المبالغ المستقدمة لإغاثة غزة تعتبر بسيطة وزهيدة، ولا تقارن بتعاظم الحاجة المُلحّة في القطاع.
تفعيل خط شراء المنتج الفلسطيني
تحدّ آخر ذكرته د. حمد، تمثل بإيقاف الخط التجاري نهاية شهر آب الماضي، وتراكم المساعدات عند الجانب المصري والأردني، ما ولّد حالة من الفوضى والاستغلال التي نشأت بين مجتمع التجار في القطاع، وانتشار المجاعة بين المواطنين، ما دفع الحكومة لتفعيل خط شراء المنتج الفلسطيني من الضفة الغربية لتوصيله إلى القطاع والذي يخضع لقيود كبيرة من الاحتلال.
خلال 2024: دفعت الوزارة المخصصات المالية مرتين إلى العائلات الفقيرة
أما بخصوص المخصصات المالية في الضفة، والتي كانت تقدّم بنسب معينة ما بين الحكومة والمانح؛ تمكّنت الحكومة في نيسان الماضي -ومن خلال الاتحاد الأوروبي- من دفع 15 مليون يورو إلى 720,500 عائلة، وفق معادلة الفقر المتعدد الأبعاد، والموثق لدى السجل الاجتماعي للوزارة، مشيرة أن المشاكل المتخلّفة تتم معالجتها من خلال 12 مديرية. إضافة لذلك، دفعت الحكومة، مؤخراً، مبلغاً وقدره 12 مليون شيكل من موازنة الحكومة المباشرة، شملت 31 ألف أسرة، وفق ثلاثة برامج: البرنامج المخصص للعائلات الفقيرة، والذي تُمنح بموجبه العائلة مبالغ ما بين 250-600 شيكل شهرياً، والبرنامجين المعدّين وفق المنهج الحقوقي لذوي الإعاقة وكبار السن، حيث يمنح الفرد فيهما 250 شيكل، إضافة لسلة الخدمات الإضافية الموفرة للعائلة إلى جانب المخصص المالي، كالإعفاء من التأمين الصحي، والرسوم المدرسية، والقسائم الشرائية.
وزارة التنمية الاجتماعية قيد تطوير سجل جديد موحّد في قطاع غزة
وقد أِشارت معالي الوزيرة أيضاً أن الطريقة الأمثل بنظر الوزارة هو تطوير (سجل) قاعدة بيانات موحّدة ملزمة لجميع الأطراف، لتسهيل آلية التنسيق بين المؤسسات، ما يعطي أملاً في الإغاثة والتعافي المبكر، حيث تعمل الوزارة على إتمامه مع جمعية الهلال الأحمر وعدد من مؤسسات المجتمع المدني لضمان عدم الازدواجية.
60 شاحنة هي أقصى ما يدخل غزة يومياً!
يكمن التحدي أيضا بكمية المواد والشاحنات التي تدخل القطاع بفعل تقييدات الاحتلال على المواد وعدد الشاحنات، حيث أشارت د. حمد أن قطاع يحتاج إلى 600 شاحنة يوميا قبل الحرب، في حين أن ما يدخل حقاً إبان الحرب يشارف 60 شاحنة، من المعابر المفتوحة ما بين الشمال وكرم أبو سالم، وأن العدد لا يكاد يتجاوز 10% فقط من احتياج القطاع.
50 ألف طفل يتيم في القطاع
وحول احتياجات النساء، استعادت الوزارة بدورها تفعيل شبكة الحماية، حيث تم إنشاء أول مركز إيواء وحماية للنساء المعنّفات منتصف شهر تموز الماضي، حيث تم إيواء أكثر من 60 حالة عنف. أما بخصوص الأيتام، فقد خلّفت الإبادة أرقاماً مؤلمة، فبحسب البيانات هناك 50 ألف طفل يتيم أحد الوالدين (29 ألف طفل يتيم قبل الحرب، فيما سُجّل لغاية الآن حوالي 21 ألف طفل يتيم). وقد عملت الوزارة على إطلاق برنامج "أمل المستقبل"، لاستقبال المعلومات من المؤسسات الراغبة بالكفالات، إضافة إلى العمل على تحديد مراكز الإيواء من العاملين على الأرض.
خطة استعداد واستجابة في الضفة الغربية
وأكملت أن الوزارة قد عملت أيضاً على إعداد خطة استعداد واستجابة في الضفة الغربية، شملت سيناريوهين، تم إعدادهما بناء على مشاورات تشاركية مع مؤسسات المجتمع المدني في كل محافظة، من بينها اللجان الشعبية في المخيمات، وقد تم تطبيقها خلال أسبوع، وبمبلغ قيمته 6 مليون شيكل.
تعقيبات مختلفة
وعقّب خالد فرسخ من ديوان الرقابة المالية والإدارية، مشيراً إلى التوصيات التي رفعها الديوان حول خطة الحكومة في إغاثة غزة، وهي: إعداد إطار تشريعي وطني يتناول اجراءات التصدي للكوارث والاستجابة والانعاش والمسؤولية، قبل وأثناء وبعد الكارثة، إضافة إلى وجود اسراتيجية للحدّ من أخطار الحرب، وخطة تأهب تستند على تقييم المخاطر، يشارك فيها أصحاب المصلحة الرئيسيون، إضافة إلى وجود هيكل وطني وتنسيق القدرات من أجل الاستجابة للكوارث بصورة منظمة على نحو يتم فيه تعزيز تبادل المعلومات والخبرات، والتي تعد حاسمة لتوزيع الأدوار، ناهيك عن توفير الدعم المالي المناسب لذلك.
وقدم د. نادر أبو شرخ نائب رئيس جامعة فلسطين، وعضو مجلس إدارة ائتلاف أمان من قطاع غزة، توصيات عملية لتطوير عملية إدارة توزيع المساعدات، مطالباً بتشكيل لجنة رقابة مركزية، تضم من بين أعضائها جهة مراجعة خارجية، وتقوم بإرسال التقارير للوزارة من أجل المتابعة، وذلك بهدف ضمان وصول المساعدات وتعزيز ثقة المواطنين. كما رفع بدوره توصية لاستخدام التكنولوجيا من خلال أنظمة إدارة المساعدات الرقمية، لتسهيل عملية وصول المساعدات وتوزيعها بشكل عادل، بالإضافة إلى إعداد خطط طوارئ للحفاظ على أمن المواطن، وتعزيز دور الشفافية والمسؤولية المجتمعية من خلال وجود تقارير دورية للحدّ من سرقة المساعدات من قبل البعض، كما أوصى بخلق شراكة بين وزارة التنمية والبنوك الفلسطينية للحدّ من استغلال المواطن، بالإشارة إلى أنه يتم دفع عمولة مالية باهظة لشركات الصرافة.
وتطرّق فايز حجازي من ائتلاف أمان إلى الشكاوى التي قدمها المواطنون، بسبب عدم وصول المساعدات لهم بشكل عادل، مع أن العديد منهم تنطبق عليهم الشروط المطلوبة. وفي هذا الصدد، أوضحت د. حمد أن الوزارة قد فعّلت خط 189 لاستقبال الشكاوى، وأنه قيد المعالجة للاستجابة أكثر، ناهيك عن بحث الوزارة عن حلول مستدامة للغزيين المقيمين في الضفة.
ولخّص د.عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد، توصية ائتلاف أمان باقتصار دور الحكومة الفلسطينية على الإشراف، ووضع السياسات وتوفير الإمكانيات المالية قدر الإمكان، ونقل آليات العمل إلى الهيئات المحلية اللامركزية، التي تقوم بدورها بالعمل على الأرض، وتحضير قاعدة البيانات الضرورية كمرجعية معتمدة للمواطنين.