فازت المجموعة الدولية للصحافة الاستقصائية وفريق صحيفة «Deutsche Zeitungen» بجائزة بوليتزر للصحافة الاستقصائية. وقد أعلن هذا الفوز في احتفال تسليم جوائز بوليتزر في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك في 10 ابريل/ نيسان2017، حيث فاز بالجائزة أيضا صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز لكشفهما تضليلات الرئيس الأميركي دونالد ترامب سواء خلال حملته الانتخابية أو بعد تسلمه الرئاسة الأميركية.
وذكر القائمون على الجائزة عن استحقاق مجموعتي الصحافيين الاستقصائيين وصحيفي «Deutsche Zeitungen» الألمانية، بأن ما مجموعه 300 صحافي ينتمون الى الرابطة الدولية للصحافيين الاستقصائيين في القارات الست تعاونوا فيما بينهم لكشف الجنايات الضريبية على امتداد العالم.
وتأتي هذه الجائزة ضمن سلسلة الاحتفاء والتكريم لجهود كشف الفساد من قبل الرابطة الدولية للصحافيين الاستقصائية، وكذلك صحيفة «Deutsche Zeitungen» الألمانية التي نشرت تحقيقاتهم. وعلق مدير الرابطة جيرارد رايل: «إن هذا التكريم للمؤسسة وفريق العمل وشركائنا هنا في الولايات المتحدة وحول العالم، ونحن نعتز أن مجلس جائزة بوليتزر قدر الاختراق الذي حققناه والذي أحدث تأثيرا عالميا بنشر أوراق بنما».
تعاون مشين
ذكر رايل أن «التحقيق لم يكن ممكنا بدون روح التعاون فيما بين الصحافيين الألمانيين باستيان اوبرماير وفريدريك اوبرماير، اللذين حصلا على التسريبات من مصدر سري وبدلا من استحواذهما على ما يقارب 11.5 مليون وثيقة سرية لهما ولصحيفتهما «Deutsche Zeitungen»، فقد أشركا الرابطة الدولية للصحافيين الاستقصائيين في الاطلاع عليها وسمحا لصحيفة «Deutsche Zeitungen» ان تقيم شبكة شراكة عابرة للحدود وتتكاتف الجهود مع صحيفة «Deutsche Zeitungen» و«ما كلاتش» و«ميامي هيرالد» و«فيوزون».
وأضاف «ان كلا من السيدين اوبرماير يعتبران فخرا للصحافة حيث ان هذه هي السنة 101 التي تقيم فيها كلية الصحافة بجامعة كولومبيا بتقديم جوائزه بوليتزر لمؤسسات صحافية والتي شملت أيضاً صحافيي نيويورك تايمز وواشنطن تايمز وتشيلستون (فيرجينيا) وجازيت ميل.
وقد كشف عن خبر منح الجائزة للرابطة في الوقت الذي كانت تسعى فيه للحصول على تبرعات لتمويل توسيع تعاونها مع بلدان جديدة وتطوير تقاريرها ومواردها التكنولوجية. وقد أضحت الرابطة منظمة مستقلة بعد أن انفصلت عن المنظمة الأم، مركز النزاهة العمومي، حيث كانت الرابطة احدى ثمار المركز اثناء قيامها بتحقيقات أوراق بنما.
خمس سنوات من الكشوفات
لقد أثارت التحقيقات لعمليات الفساد ما وراء البحار، الغضب العارم وحفزت على إصلاحات، ولكن لم يكن لأي منها التأثير ذاته الذي أحدثه الكشف عن أوراق بنما. فقد دفع تحقيق أوراق بنما، قيام الشرطة بحملات دهم واعتقالات وتحقيقات واستقالة شخصيات نافذة بمن فيهم رئيس وزراء ايسلاندا. وقد حفزت تقارير الرابطة وشركائها على القيام بأكثر من 150 تحقيقا بما فيها تحقيقات محاسبية في 79 بلدا، وأثمرت إقرار تشريعات جديدة في القواعد المالية في الولايات المتحدة وغيرها.
وفي يناير/ كانون الثاني2017 اجتمع مسئولو الضرائب من 30 بلدا في باريس للتشارك في معلومات التحقيقات التي جرت بفضل نشر أوراق بنما. وقد ذكر مسئولون استراليون، انه ترتب على الاجتماع أكبر تبادل دولي للمعلومات حول التهرب الضريبي عالميا.
وفي فبراير/ شباط2017، قامت السلطات البنمية باعتقال مؤسسي المكتب القانوني «موزاك فونسيكا»، والذي كان محور تحقيقات أوراق بنما، حول الاتهام بغسيل الأموال من قبل المدعي العام البنمي والذي ذكر أن هناك وقائع تؤكد أن المكتب منظمة إجرامية. قبل عام وحتى الآن، قامت الرابطة وشركائها الإعلاميين بنشر ما توصلت اليه في أوراق بنما، حيث قام المدعي العام البنمي بالاجتماع في لاهاي الهولندية مع وكالات عدلية من 15 بلدا أوروبيا تقوم بالتحقيق بما يحتمل ان يكون نشاطات إجرامية مرتبطة بمكتب «موزاك فونسيكا».
عبر القارات الست
بدأ فريق التحقيق في أوراق بنما عمله في بداية 2015. وأصدر الفريق أول تحقيقاته في ابريل/ نيسان2016، واستمر في ذلك طوال 2016. لقد انكبوا على تفحص ما يزيد عن مليون بريد إلكتروني ووثائق شركات باللغات الإنجليزية والفرنسية والاسبانية والروسية والعربية، واعتمدوا على تكتيك قص الأثر لتتبع وثائق إضافية والتحقق من كل معلومة عبر القارات الست.
أمضى الفريق اشهرا في فك طلاسم عبر طبقات من البنية لما وراء البحار حيث تشبه الشركات المحاربة، خيال المآتة، والتي تتحكم فيها سلسلة من الشركات الأخرى والواجهات. وقد استخدم الفريق البرمجيات وكذلك الموقع التفاعلي للرابطة فيها يشبه غرفة أخبار افتراضية، للتعاون فيما بينهم في مناطق مختلفة التوقيت، وشكلوا أكثر من 130 مجموعة نقاش، تبادلت فيما بينها أكثر من 11.816 معلومة وسؤالا وفرضية.
وفي النهاية عمل ما يزيد عن 400 صحافي ومراسل ومبرمج كمبيوتر ومدقق معلومات وغيرهم على المشروع «لقد قلنا وكررناها مرارا إن بعض القصص كبيرة جدا ومعقدة جدا وكونية الابعاد بحث لا يمكن لمجموعة صغيرة من وكالات الاعلام التعامل معها»، على حد قول رايدل مدير الرابطة، وأضاف بالقول «انما نعتقد أن التعاون الواسع هو يمثل موجه المستقبل للصحافة المعولمة، حيث تصب الموارد وتتبادل المعلومات بطريقة قوية للتحقيق وكشف قصص يعمد السياسيون والشركات والجريمة المنظمة الى اخفائها».
المصدر : صحيفة الوسيط