رغم التحسن الطفيف في وضع إسرائيل، إلا أنها بقيت واحدة من الدول الفاسدة بين الدول المتطورة – هذا ما يتبين من جدول الفساد الدولي لمنظمة "Transparency International" الذي نشر الاربعاء الماضي. فقد جاءت اسرائيل في المرتبة الـ 28 في العام 2016 من بين 176 دولة، مقارنة بالمرتبة الـ 32 في السنة السابقة (في رأس المدرج تأتي الدول التي تعتبر الأكثر نقاء من الفساد)، وجاءت علامتها 64، أي بارتفاع طفيف عما كانت عليه في العام 2015 (61). ولا يمنع هذا التحسن الطفيف اسرائيل من أن تعتبر اكثر فسادا من تشيلي، اتحاد الامارات والارغواي. وقد تقرر ترتيب اسرائيل للعام 2016 قبل القرار بفتح التحقيقات والفحوصات المتعلقة بشبهات الفساد لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القضايا المختلفة. ويشدد جدول الفساد الذي ينشر هذه السنة على العلاقة بين الفساد السلطوي وعدم المساواة في المجتمع. كما أن إسرائيل هي واحدة من الدول ذات الفوارق الاقتصادية الأكبر بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ال " OECD".
وفي الشفافية الدولية يشرحون بان الفساد في القطاع العام يؤدي الى توزيع غير عادل وفوارق في المجتمع. وحسب الجدول، فان الدول الفاسدة في العالم هي الصومال، جنوب السودان، كوريا الشمالية وسوريا. ويبين التصنيف ايضا بان ثمانية من أصل الدول العشرة الاولى الأكثر نقاء من الفساد هي دول أوروبية. وهكذا، فان الدنمارك ونيوزيلندا وصلتا الى المرتبة الاولى، مع 90 نقطة؛ فنلندا، السويد وسويسرا جاءت بعدهما (89، 88 و 86 نقطة على التوالي)، وجاءت النرويج في المرتبة السادسة (85 نقطة)؛ وبعدها سنغافورة (84 نقطة). هولندا، كندا والمانيا تغلق العشرية الاولى (83، 82 و 81 نقطة على التوالي). جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الـ 18 مع 74 نقطة، وفوق إسرائيل تأتي اتحاد الامارات وتشيلي (معا في المرتبة 24 مع 66 نقطة)، الارغواي (المرتبة 21 مع 71 نقطة) واليابان (المرتبة 20 مع 72 نقطة).
وجاءت روسيا واوكرانيا معا في المرتبة الـ 131 مع 29 نقطة فقط. ينشر جدول المنظمة منذ منتصف التسعينيات ويفحص مدى الفساد السلطوي والفساد في القطاع العام في كل دولة، استنادا الى 13 قاعدة بيانات من 12 هيئة بحث تعمل في أرجاء العالم، بما فيها البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي. من بين دول الـ OECD تأتي اسرائيل في المرتبة الـ 22 من اصل 35 دولة. 13 دولة اعضاء في المنظمة فقط تأتي مصنفة كفاسدة أكثر من اسرائيل، بينها تركيا، المكسيك، اليونان، كوريا الجنوبية، لاتفيا، سلوفانيا، ايطاليا، البرتغال، بولندا واسبانيا.
وضع إسرائيل كان ذات مرة افضل بكثير وضع اسرائيل في التصنيف الحالي هو الافضل في العقد الاخير. ومع ذلك، في الماضي البعيد، كان وضع اسرائيل افضل بكثير، وهي لا تعتبر فاسدة حسب الهيئات الدولية، كما تعتبر اليوم. في 1996 كانت علامة إسرائيل في جدول الفساد 77 من اصل 100، وجاءت في المرتبة الـ 14 الى جانب الدول الانقى من الفساد. بعد سنة من ذلك، بلغت علامة اسرائيل الذروة إذ وصلت الى 78. ولكن منذئذ بدأ وضعها يتدهور. في 2003 هبطت علامة اسرائيل في جدول الفساد الى 70. في 2006، بعد ولاية حكومة شارون وبداية ولاية حكومة أولمرت، تدهورت علامة اسرائيل الى 59.
في 2011، في عهد نتنياهو كرئيس وزراء، تدهورت العلامة الى درك أسفل من 58 – العلامة الادنى التي تتلقاها اسرائيل منذ بدء الجدول. ومنذئذ بدأ ترتيب اسرائيل في الجدول يتحسن ببطء. "اسرائيل اجتازت سنة قاسية من ناحية كشف قضايا فساد عديدة، ولا سيما في القطاع التجاري – ولكن ليس هناك فقط"، تقول المديرة العام للشفافية الدولية في إسرائيل، يفعت زمير. "الى جانب نوحي دنكنر، بيني شتاينمنتس، اليعيزر فيشمان وشركات كبرى مثل "تيفع" التي تضطر الى دفع غرامات عالية، توجد ايضا تحقيقات رئيس الوزراء نتنياهو. كل هذه تقلل من ثقة الجمهور بالمنظومة وتسحق القدرة المدنية في التأثير على الواقع".
وحسب تحليل الشفافية الدولية، فان نتائج تقرير 2006 تؤكد الصلة الوثيقة بين الفساد وعدم المساواة – ميلان يغذيان الواحد الآخر ويخلقان دائرة سحرية من الفساد، توزيع غير متساو للقوة وللثراء. وحسب المنظمة، فان التداخل بين الفساد وعدم المساواة يغذيان الشعبوية ايضا. "عندما يفشل السياسيون التقليديون في مواجهة الفساد، يصبح الناس متهكمين"، كما يرد في في التقرير. "فيتوجه الناس الى الزعماء الشعبويين الذين يتعهدون بكسر دائرة الفساد والامتيازات – ولكن معقول الافتراض بان هؤلاء سيزيدون الضائقة فقط".
ويقول رئيس الشفافية الدولية، خوزيه اوغاز انه "في دول كثيرة جدا يحرم الناس من الاحتياجات الاساسية ويذهبون الى النوم كل ليلة وهم جوعى بسبب الفساد بينما المتعطشون للقوة والفاسدون يتمتعون بنمط حياة تبذيري ويفلتون من العقاب"
* نقلا عن الحياة الجديدة